رواد مسيرة إصلاح التعليم الابتدائي

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

يسعدني أن أقدم نبذة عن بعض مـا رافق معلمي وتلاميذ السنوات الخامسة ابتدائي من معيقات انطلاقا من السنة الأولى إلى الآن.

أذكر للذين لم يتلمسوا خطى هذه المسيرة الحافلة بالحيرة والإبداع والتحدي من قبل روادها وحاملي مشعلها بدءا من سنة 2003 م.

لقد صدرت إلى المفتشين في تلك السنة تعليمات بأن ينتخبوا أحسن العناصر من المعلمين ويسندوهم أفواج السنوات الأولى، ويشترط أن تتوفر فيهم- قدر الإمكان – المزايا التالية:

· الكفاءة العلمية والقدرة البيداغوجية وسرعة التكيف مع الجديد.

· تجنب كل ما من شأنه إفساد التمدرس المنتظم كالمعلمات الحوامل اللواتي يضعن حملهن في وسط السنة المدرسية .....

· تلافي اختيار المستخلفين لأنهم يفتقرون إلى الخبرة، وتجنب حتى المثـبـّتين حديثا.

· تجنب الذين يحتمل أن يشاركوا في الحركة التنقلية ( ممن تعييناتهم بصفة مؤقتة).

· اختيار الذين سيواصلون المسيرة إلى غاية التتويج في السنة الخامسة (2007/2008 م)

وفعلا تم انتقاء حاملي المشعل في أول سنة للإصلاح ممن حازوا على أكبر قدر من تلك الشروط، وقد تحقق الاختيار في مراكز المدن بسهولة بينما فشل في بعض الابتدائيات النائية حيث يكثر المستخلفون وينتفي عنصر الاستقرار.
مـا هي معاناة رواد وجنود مناهج الإصلاح ؟



إن أصدق تسمية تمنح للرعيل الأول المطبق للمناهج الجديدة هم أبطال المدرسة ومبدعوها ورافعوا شعلتها، لأنهم تعرضوا لضغوطات وعوائق لا حصر لها، لا يقدرها إلا من مارس الإصلاح في تلك الحقبة الزمنية فعلى سبيل المثال:

· لم يكن كتاب التلميذ ولا دليل المعلم ولا الوثائق المرافقة تأتي في أوانها للاهتداء بها في توزيع الحصص أو تسيير الأنشطة أو معرفة المنهج والمقاربة واختيار ما يلائم النشاط.....

· لم تتضح الرؤية أحيانا في اختيار التوازيع الأسبوعية المناسبة، واحد يضيف حصة وآخر ينقص أخرى؟

· تخبط كبير واجتهادات قد تصيب وقد تخطئ. ابتكارات لم تكن في الحسبان ! هذه الصعوبات كونت في نفوس هذه الطليعة العصماء روح الإبداع والاحتراف واختيار حلول شخصية لمقاربات وبيداغوجيات، أكثرهم لم يطلع عليها أصلا، معلم يقف حائرا أمام تمارين كتاب التلميذ كيف تنجز؟ أو كيف يستدرج متعلميه إلى فك رموز جداول؟ أو صور؟ في غياب المذكرة أو الدليل؟

· إن الذين لم يمروا على سنتي تنصيب السنة الأولى والثانية والثالثة –بالخصوص - لن يحسوا بمدى المعاناة وجسامة المسؤولية التي ألقيت على عواتق الرعيل الأول ، ولن يذوقوا طعم هذه المرحلة ، ولذة التحدي، فقد تصرف كل منهم فرادى أو مثنى أو عن طريق فرق تربوية، وسار في فلكهم المديرون والمفتشون، كل ينتج محاولاته لتخطي فراغ الحصول على المعلومة، وصولا إلى طبع الكتاب والوثائق الشارحة... تصوروا معي أن بعض الكتب لم تصل إلى المدارس إلاّ بعد شهرين أو أكثر وبعد وصولها لم ترفق بتوجيهات استغلالها (الدليل)، كيف تصرف معلمونا الأفذاذ ؟

· ولا زال هؤلاء بخطى وئيدة يستكملون البناء. ندعو الله لهم بالفوز في الدارين دنيا وآخرة، وتحقيق نسبة نجاح تعكس الجهود المبذولة والاجتهادات التي أبدعوها طيلة السنوات الخمس.

· إذا حُقّ لمناهج التعليم الابتدائي أن تفخر بما ستحققه؛ فعليها أن تفخر وتثمّن مجهودات الفئة التي واكبت مسيرة الإصلاح من بدايتها إلى الآن.

بقى أن يطرح السؤال التالي على هؤلاء الرواد ليسهموا في تقويم منتوجهم: - إذا كانت المفاهيم تبنى بشكل حلزوني وتتطور باستمرار (شبكة المفاهيم)، فما هي المفاهيم العلمية أو الرياضية أو اللغوية البارزة التي يرون أن أساسها بني في السنة الأولى، ولا زالت تتسع دائرة تطور تلك المفاهيم إلى الآن؟ وما هي التي أثبتت تجربتهم صعوبة بنائها لدى المتعلم؟

رعاكم الله وسدد خطاكم.